مفهوم الاقتصاد الريعي
الاقتصاد الريعي هو نوع من الاقتصاد يعتمد بشكل رئيسي على استغلال الموارد الطبيعية أو الرسوم والتراخيص المفروضة على الأنشطة الاقتصادية، دون الحاجة إلى خلق قيمة مضافة من خلال الإنتاج أو الابتكار. في هذا النظام، تسيطر الدولة أو مجموعة صغيرة من النخب الاقتصادية على توزيع الموارد، حيث تعتمد العائدات بشكل أساسي على الريع المستخرج من موارد مثل النفط والغاز أو الرسوم الجمركية، بدلاً من الأنشطة الإنتاجية الفعلية كالزراعة والصناعة.
يتميز الاقتصاد الريعي بتركيز الثروة والموارد في أيدي عدد محدود من الفاعلين، ما يؤدي إلى تباطؤ التنمية الاقتصادية وخلق فجوة واسعة بين الفئات الاجتماعية.
استراتيجية تونس لمحاربة الاقتصاد الريعي
تسعى تونس إلى التحول من نموذج الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد أكثر استدامة وابتكاراً. وقد اتخذت الحكومة التونسية عدة خطوات وإصلاحات لتحرير الاقتصاد من هيمنة الريع وتعزيز دور القطاع الإنتاجي والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، منها:
إلغاء التراخيص المعرقلة: أعلنت وزارة الاقتصاد والتخطيط عن إلغاء 33 ترخيصاً جديداً لممارسة الأنشطة الاقتصادية، ليصل إجمالي التراخيص الملغاة إلى 50 منذ بداية الإصلاحات، بهدف تخفيف القيود البيروقراطية وتعزيز مناخ الأعمال الحرة.
مراجعة شروط ممارسة الأنشطة الاقتصادية: تخطط الوزارة لمراجعة 167 كراس شروط خلال العام القادم لتقليص العراقيل أمام المستثمرين وتقليل سيطرة الاقتصاد الريعي، مع التركيز على تشجيع الاستثمار في القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة، التكنولوجيا، والفلاحة، من خلال تقديم حوافز ضريبية وتسهيلات للمستثمرين ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
رقمنة الإجراءات الإدارية: تهدف الحكومة إلى رقمنة 100% من الإجراءات الإدارية لتسهيل النفاذ إلى السوق، وتقليل البيروقراطية والفساد.
ضمان توزيع عادل للموارد: تعمل الحكومة على تطبيق إجراءات صارمة لضمان توزيع عادل للموارد والفرص الاستثمارية.
من خلال هذه الاستراتيجية الشاملة، تأمل تونس في بناء اقتصاد أكثر تنوعاً واستدامة، يقلل من الآثار السلبية للاقتصاد الريعي ويحفز التنمية الاجتماعية والاقتصادية المتوازنة.