سجل الاقتصاد التونسي نمواً بنسبة 1.8% خلال الربع الثالث من عام 2024 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، ما يعكس تحسناً طفيفاً في النشاط الاقتصادي. وعلى المستوى الربع سنوي، نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.8% مقارنة بالربع الثاني من نفس العام. وعلى مدار الأشهر التسعة الأولى من 2024، حقق الاقتصاد نمواً إجمالياً بنسبة 1.0%.
أداء القطاعات الاقتصادية
شهد القطاع الفلاحي تحسناً ملحوظاً، حيث ارتفعت القيمة المضافة بنسبة 10.6% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مساهماً بـ0.83 نقطة مئوية في نمو الناتج المحلي الإجمالي. في المقابل، سجل القطاع الصناعي تراجعاً طفيفاً بنسبة 1.5%، بسبب انخفاض حاد في قطاع الطاقة والمناجم بنسبة 10.4%، نتيجة لتقليص الإنتاج في قطاع النفط والغاز الطبيعي بنسبة 19.8%. رغم ذلك، حققت بعض الصناعات مثل الصناعات الميكانيكية والكهربائية نمواً بنسبة 2.8% مدعوماً بالطلب الخارجي.
أما قطاع الخدمات، فقد سجل نمواً طفيفاً بنسبة 1.4%، مدعوماً بزيادة في قيمة قطاعات النزل والمطاعم والمقاهي (6.1%)، والنقل (1.3%)، والإعلام والاتصال (1.5%).
الطلب الداخلي والتجارة الخارجية
ارتفع الطلب الداخلي بنسبة 4.1% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، مساهماً إيجابياً بـ4.3 نقطة مئوية في النمو الاقتصادي. في المقابل، كانت المبادلات الخارجية سلبية، حيث ساهمت بتراجع قدره 2.5 نقطة مئوية نتيجة لانخفاض الصادرات بنسبة 0.1% وزيادة الواردات بنسبة 4.9%.
التحديات والفرص
تُظهر هذه الأرقام التحديات والفرص التي تواجه الاقتصاد التونسي، حيث تستمر القطاعات المختلفة في التفاعل مع التغيرات الاقتصادية الداخلية والخارجية. ومن أبرز هذه التحديات تعزيز الاستثمارات المحلية والأجنبية من خلال توفير بيئة محفزة لإقامة المشاريع عبر تبسيط الإجراءات البيروقراطية وتقديم حوافز ضريبية للمستثمرين، لا سيما في المناطق الداخلية، لتشجيع النمو المتوازن في كافة أنحاء البلاد.
يُعد تحسين الإنتاج الفلاحي أحد الركائز الأساسية للنمو المستدام، إذ يمكن للتكنولوجيا الحديثة أن ترفع من الإنتاجية وتطور قدرة القطاع على تلبية الطلب المحلي والعالمي.
من جهة أخرى، تحتاج الصناعات التحويلية إلى دعم قوي من خلال تحسين التكنولوجيا وابتكار حلول للمشاكل الإنتاجية، خصوصاً في الصناعات الميكانيكية والكيميائية عبر رفع كفاءة الإنتاج وتوسيع القدرة التصديرية.
كما يمكن لقطاع الخدمات، وبخاصة السياحة، أن يلعب دوراً محورياً في تعزيز النمو الاقتصادي، نظراً للإمكانات السياحية الكبيرة التي تمتلكها تونس. لذا، من الضروري الاستثمار في تطوير البنية التحتية السياحية وتوفير عروض متنوعة لجذب السياح من مختلف أنحاء العالم.
في مجال التجارة الدولية، يتعين على تونس السعي إلى توقيع المزيد من الاتفاقيات التجارية مع الدول والمنظمات الاقتصادية لتوسيع أسواق التصدير. ويأتي الاستثمار في البنية التحتية الرقمية على رأس الأولويات لدعم التحول الرقمي، الذي يعد ضرورياً لتسريع نمو قطاعات التعليم والتجارة الإلكترونية والقطاع المالي.
الخلاصة
من خلال تبني هذه السياسات المتكاملة، يمكن لتونس تحقيق زيادة ملحوظة في معدل النمو الاقتصادي لعام 2025، مما يعزز من قدرتها على تجاوز التحديات الحالية وبناء اقتصاد قوي ومستدام.