اعتبرت منظمة “آلارت”، في تقرير نشرته عبر صفحتها على “فايسبوك”، ان بلاغ رئاسة الجمهورية، ليوم السبت 20 ماي 2023، حول “ندرة الخبز في عدد من الولايات”، هو بلاغ “يمكن اعتباره تضليل للرأي العام وتعتيم على الممارسات الحقيقية المتسببة في هذه الأوضاع”، حيث تعتبر السلطة أن الازمة “تعود إلى سعي البعض إلى تأجيج الأوضاع الاجتماعية والعمل على افتعال الأزمات
.وشددت “آلارت” على ان ندرة الخبز هي في الحقيقة أزمة هيكلية شاملة يشكو منها قطاع الحبوب في تونس، مشيرة الى انها كانت قد نبهت من خطورتها منذ ثلاث سنوات
وبيّنت المنظمة ان سيطرة غرفة المطاحن بنقابة الأعراف على ديوان الحبوب وخاصة عدم التكافئ في توزيع حصص الحبوب، مما يمكن مثلا مجمع واحد من 38% من الحصة الوطنية من القمح الصلب، هو ما يضاعف النقص في مادة السميد خاصة مع رفض هذه المجامع تخفيض كميات القمح الصلب الموجهة إلى تصنيع المقرونة (بما أنها مربحة أكثر)
.واكدت المنظمة ان هذه الازمة كشفت أزمة المالية العمومية آثار تغول غرفة المطاحن التابعة لإتحاد الاعراف، فعوض ضرب منظومة الدعم واستغلال الأزمة لفض معارك سياسوية هدفها الوحيد التمكن من السلطة، وجب فك اسر ديوان الحبوب من غرفة المطاحن عبر مراجعة آليات توزيع الحصص الوطنية
.واكدت “آلارت” ان ازمة الخبز ازدادت حدة جراء تدهور امكانيات الدولة وعجزها على تمويل استيراد الحبوب، مشيرة الى ان فقدان الخبز ظاهرة تمس كافة ولايات الجمهورية بنسب متفاوتة
وبينت المنظمة ان السبب هو انخفاض حاد في كميات القمح الصلب الموزعة من طرف ديوان الحبوب، مؤكدة ان مادة الفارينة متوفرة لأن استراد القمح اللين ممول من طرف البنك الاوروبي للاستثمار والبنك الافريقي للتنمية، وان الإشكال الحقيقي يكمن في عجز الدولة التونسية على تمويل حاجياتها من القمح الصلب
وحسب التقرير السنوي للبنك الوطني الفلاحي، تصل ديون ديوان الحبوب إلى حدود 31 ديسمبر 2022، 4 مليارات و768 مليون و74 ألف دينار. وعرفت هذه الديون ارتفاعا بنسبة 27% خلال سنة واحدة
.إلى جانب المخاطر الكبرى التي تولدها هذه الديون على توازنات البنك الوطني الفلاحي، يذكر البنك بتأخر الدولة التونسية في صرف 2 مليارات و385 مليون و74 ألف دينار من ميزانية الدعم مما يجعل ديوان الحبوب عاجزًا على استيراد حاجيات السوق خاصة من القمح الصلب
خلال شهر أفريل المنقضي، تم التخفيض في كمية القمح الصلب الموزع من طرف ديوان الحبوب ب30%، وإلى حد يوم 20 ماي 2023 تم توزيع حوالي 15% فقط من الاستهلاك الشهري ومن المنتظر أن يكون قد شهد شهر ماي توزيع 500 ألف قنطار فقط أي انخفاض ب 50بالمائة
.تصل بواخر القمح الصلب بصفة غير منتظمة بين صفاقس وتونس مما يولد تفاوت في الكميات الموزعة بين الجهات
.ينتج عن هذا النقص الحاد في كمية القمح الصلب المتوفرة فقدان مادة السميد مما ينتج ضغط على مادة الفارينة، وهذا ما يفسر فقدان مادة الخبز
يرى البعض تحسن طفيف في كميات القمح الصلب خلال شهر جوان وذلك بدخول حلقة تزويد السوق بالقمح الصلب المحلي لكن بالنظر إلى حاجيات السوق التونسية من البذور (2 مليون و600 ألف قنطار) وضعف الإنتاج المحلي المتوقع (2 مليون 300 ألف قنطار) -وذلك دون الأخذ بعين الاعتبار ضعف امكانيات التجميع- من المنتظر أن يكون هناك ضغط على سوق البذور المحلية
.وفي تقريرها، شددت الارت ان كل هذه المؤشرات تنبئ بتواصل أزمة العرض خلال الاشهر القادمة بل احتداد للأزمة إلى مستوى الخطر الداهم حين تنتهي خطوط تمويل استيراد القمح اللين