كون أحباء المسرح على موعد مع العرض ما قبل الأول لمسرحية “الهروب من التوبة” وذلك يوم السبت 22 جويلية 2023 بقاعة الفن الرابع
.”الهروب من التوبة” هو عمل مسرحي جديد لمركز الفنون الدرامية والركحية بتوزر، نص الكاتب والمخرج المسرحي العراقي فلاح شاكر وإخراج المخرج التونسي عبد الواحد مبروك
.فلاح شاكر هو كاتب ومخرج مسرحي وتلفزي عراقي قدير، من رواد المسرح في العالم العربي ومن أهمّ وجوهه. وعبد الواحد مبروك هو مدير مركز الفنون الدرامية والركحية بتوزر، مخرج مسرحي تونسي، أخرج مسرحية “18 أكتوبر” التي نقدت الراهن السياسي التونسي بعد الثورة
.تطرح المسرحية قصة ثلاث شخصيات تُعاني قلقا وجوديا ونفسيا، يشحنه الشعور المتواتر بالذنب الأزلي. يقودهم هذا الشعور الى دوامة وجع الضمير، فيصبحون جلادين بن كانوا ضحايا، يبحثون عن الخلاص وربما يكون الاتجاه نحو طريقة الخلاص الأكثر شيوعا. فهل سيكون الخلاص دون خسارات موجعة
يُغامر عبد الواحد مبروك برؤسة اخراجية متفرّدة، ويذهب بالمغامرة الى حدّها الأقصى، فالمسرحية لا تروي قصة بقدر ما تقترح صورا بلاغية تمزج بين الصوت والصمت والصورة والمونتاج
تعتمد المسرحية على الفضاء بطريقة متشظية، وفي الوقت نفسه يتدفّق النص تدفقا متشظيا عبر الصوت و والصمت والشاشة الرقمية. تعرّي المسرحية أحيانا أفعالا وأحداثا وتصمت أحيانا أخرى أو تُضيف إلى المعاني أفعالا أخرى. لا تُفصح الكلمات والحوارات في مسرحية “الهروب من التوبة” عن الحقيقة بل تخفيها، فيتم الاعتماد على الكلمة للدفاع والهجوم، كنمط من المراوغة والهروب
التجأ عبد الواحد مبروك إلى الأفعال ليُعري الشخصيات الملعونة، شخصيات لا تصلح للحياة بل هي من يتحمّل تلاشيها واندثارها. لكن تتطوّر كل لوحة من لوحات المسرحية خارج سياق الحكاية، ويكون لكلّ لوحة عنوان وتاريخ وزمان، فتسعى كلها إلى تحديد الأفعال والأحداث الماضية دون علاقة بالآن نفسه، حتى في اللوحة المعلنة على الآن. فيصبح الزمان إيقاع “الهروب من التوبة” ويتم ترصيف وتراكم التشظيات في محاولة لبناء المسكوت عنه. لذلك عمل المخرج على القوة التعبيرية بوعي تجريبي بعيدا عن المعالجة البسيكولوجية للشخصية، لينفتح على الانسان المعاصر، دون الانتماء لأي جماعة ما
يحضر المعنى دفاقا عبر الضوء واللون والكتلة والكثافة يدعو المشاهد إلى زمان ممتلئ بالفرجة “هروبا من التوبة”. فقد اعتمد عبد الواحد مبروك على تصوّر سينغرافي يتماشى مع الرؤية الاخراجية، فتنطلق المسرحية من القوّة الايحائية للفضاء الفارغ، الواحد والمتعدّد، البسيط والمتحرّك، وهو ما سيسمح بتفجير طاقات المؤدي. يكون الفضاء منزلا، شارعا طويلا ممتدّا بين العتمة والظلام والظلال، خلوة مظلمة، أو أرضية رمادية شاسعة لا تُحرّكها إلاّ المفردات الأساسية للهوية البصرية للعرض، وهو ما يجعل المؤدي متحدّيا خصوصيات الفضاء
شارك في هذا العمل المسرحي الذي كتب نصه الكاتب العراقي فلاح شاكر وأخرجه المخرج التونسي عبد الواحد مبروك، كل من حليمة عيساوي وبلقيس جوادي في الآداء، رياض البدوي في الموسيقى، وملابس جليلة المداني. تتراوح الملابس بين الأسود والأبيض مرورا بالرمادي
*ناقدة واكاديمية تونسية